Monday, January 14, 2008

2- Hijrah Ke Arah Kebaikan

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .

فنحن في هذه الأيام نسمع كثيرا هذه العبارة : كل عام وأنتم بخير . فأجاب السامع : وأنتم بألف خير ... نرددها في مناسبات شتى ونرددها في هذه الفترة لمناسبة قدوم العام الهجري الجديد ، عام 1429هـ. قد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من أربعة عشر قرنا ولم يزل الدين الذي جاء به قائما على الحق مع ما أصاب أمته صلى الله عليه وسلم من المصائب والأزمات .

وبمناسبة هذا العام الجديد فلنلتفت أنظارنا إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فقد روى عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ .

هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ، والنسائي في سننه ، والإمام أحمد في مسنده. فهو كما قال ابن حجر من أفراد البخاري عن مسلم أي أخرجه البخاري ولم يخرجه مسلم . فهو مع قلة ألفاظه يشتمل على معانٍ كثيرة وعبر العلماء عنه بجوامع الكلم .

أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المسلم الكامل في الإسلام هو الذي لا يؤذي أحدا بوجه من الوجوه لا باليد ولا باللسان مع مراعاة باقي الأركان ، والمهاجر الحقيقي هو الذي ترك ما تدعو إليه النفس الأمارة بالسوء والشيطان . فالحديث يشتمل على أمرين مهمين ، الأول : بيان علاقة الإنسان مع الآخرين ، والثاني : بيان علاقة الإنسان مع خالقه عز وجل . وهذا هو الأساس المتين كما قال الله تعالى

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ

( سورة آل عمران : 112 )

بدأ الحديث بتذكير المسلم عن أهمية حسن معاملة الآخرين خاصة إن كانوا مسلمين ، فالناس حقيقة من أب واحد هو آدم عليه السلام وأم واحدة هي حواء ، فلا يؤذي بعضهم بعضا . وهنا إشارة جميلة إلى الحث على حسن معاملة العبد مع ربه لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه.

أما قول النبي صلى الله عليه وسلم : المسلم من سلم المسلمون ... فالمراد عام يشمل المسلم وغير المسلم كما نبهه الحافظ ابن حجر ، فذكر المسلمين هنا خرج مخرج الغالب لأن محافظة المسلم على كف الأذى عن أخيه المسلم أشد تاكيدا ، فينبغي على المسلم أن لا يؤذي أخاه المسلم كما ينبغي عليه أن لا يؤذي أحدا من غير المسلم. وكذلك الإتيان بجمع التذكير ليس للتخصيص بل للتغليب ، فلا يؤذي المسلمة كما لا يؤذي المسلم .وهناك نكتة جميلة في ذكر اللسان واليد دون سائر الأعضاء مع إمكان وقوع الأذى من غيرهما لأن اللسان هو المعبر عما في النفس ، وأكثر الأفعال يحصل باليد . فاللسان واليد هما علامتان لبقية الجوارح .

أما الشطر الثاني فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المهاجر الحقيقي هو الذي يترك جميع المنهيات التي نهى الله عنها فهو شبيه بقول النبي صلى الله عليه وسلم : فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ (صحيح مسلم ) . فهذا هو علاقة بين العبد وبين خالقه أي امتثال الأوامر واجتناب النواهي . وهنا نبّه على اجتناب النواهي ويشمل امتثال الأوامر لأنه لا يتصور اجتناب النواهي دون امتثال الأوامر وكذلك العكس .

والهجرة على قسمين : هجرة ظاهرة وهجرة باطنة . فالهجرة الظاهرة هي الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام أو من دار الفتن إلى دار الأمن . وأفضل الهجرة الظاهرة هي الهجرة من مكة إلى ألمدينة ، وبعد فتح مكة انقطعت هذه الهجرة لأن مكة أصبحت دار الإسلام . ويحتمل أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بعد فتح مكة تطييبا لقلوب من لا يدرك الهجرة فبيّن لهم أن الهجرة الباطنة باقية إلى يوم القيامة هي الهجرة من المعاصي الى الطاعات ، ومن سوء الأخلاق إلى حسنها ، ومن منهيات الله إلى أوامره .

No comments: